السفير صالح عطية لـ الشرق: علاقات قطر والجزائر وصلت مرحلة تسمح بشراكة إستراتيجية شاملة

عربي ودولي
148
تعاون اقتصادي متنامٍ يعكس الإرادة المشتركة..
❖ عواطف بن علي
– تنسيق للمواقف بين البلدين تجاه القضايا العربية وعلى رأسها فلسطين
– إطلاق خط بحري مباشر بين قطر والجزائر لمضاعفة المبادلات التجارية
– اتفاقية جديدة في مجال النقل الجوي لزيادة التعاون السياحي والاقتصادي
– توافق قطري – جزائري على تسريع المشاريع الاستثمارية المشتركة
– مركب بلارة يستهدف صادرات تتجاوز 1.2 مليار دولار بنهاية 2025
– أوريدو الجزائر تسجل أرباحاً بـ 9.6 مليار ريال خلال 2023
– «بلدنا» استثمار إستراتيجي بقيمة 3.5 مليار ريال وإنتاج متوقع يبلغ 194 ألف طن سنوياً
– تحضيرات لانعقاد اللجنة العليا المشتركة وتوقيع اتفاقيات تعاون جديدة
– نُقدِّر جهود قطر البارزة في الوساطة وتسوية النزاعات بالطرق السلمية
أكد سعادة السيد صالح عطية، سفير الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية لدى الدولة، أن العلاقات بين الجزائر وقطر تمثل نموذجًا متميزًا للتعاون العربي القائم على الاحترام المتبادل والثقة والتكامل البنَّاء، مشيرًا إلى أنها تستند إلى روابط أخوية راسخة بين قيادتي البلدين.
وأوضح سعادته، في حوار خاص مع “الشرق” بمناسبة الذكرى الـ71 لاندلاع ثورة أول نوفمبر المجيدة، أن العلاقات السياسية بين البلدين بلغت مرحلة من النضج والاستقرار تؤهلها للانتقال إلى شراكة إستراتيجية شاملة تشمل مجالات السياسة والاقتصاد والطاقة والاستثمار. وأشار السفير عطية إلى حرص الجزائر وقطر على التنسيق الدائم وتوحيد المواقف إزاء القضايا العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن المستقبل يحمل فرصًا واعدة لتعزيز التعاون في مجالات الطاقة، الاقتصاد الأخضر، الأمن الغذائي، والاستثمار بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين ويعزز وحدة الصف العربي. وأضاف سعادته أن التعاون الاقتصادي بين البلدين يشهد تطورًا متسارعًا ومشجعًا، يعكس الإرادة المشتركة للارتقاء به إلى مستويات أعلى من الشراكة والتكامل، مع تقدم ملموس في مجالات الصناعة والطاقة والزراعة والخدمات، وسعي متواصل إلى تنويع المبادلات التجارية وتوسيع آفاق الاستثمار بما يتناسب مع الإمكانات الاقتصادية الكبيرة للجانبين.
◄ بمناسبة إحياء الذكرى 71 لاندلاع ثورة أول نوفمبر المجيدة.. ما كلمتكم بهذه المناسبة؟
بمناسبة الذكرى الـ71 لاندلاع ثورة أول نوفمبر المجيدة، نحتفل بإرث هذه الثورة الخالدة التي جسدت إرادة الشعب الجزائري في الحرية والاستقلال، ولا تزال مصدر إلهام للأجيال في الدفاع عن قيم السيادة والوطنية. وفي هذه المناسبة العزيزة، نتوجه بأسمى عبارات التقدير إلى الجالية الجزائرية في دولة قطر الشقيقة، تقديرًا لجهودها المتواصلة في تعزيز الروابط الثقافية والاجتماعية بين الجزائر وقطر، ولما تمثله من شريك فاعل في تعزيز أواصر الأخوة والتضامن بين الشعبين. كما نؤكد التزام الجزائر بالاحتفاء بهذه المناسبة التاريخية بدولة قطر الشقيقة، بما يعكس عمق العلاقات الأخوية بين البلدين واستمرار التعاون والتضامن العربي المشترك.
◄ كيف تقيِّمون مستوى العلاقات السياسية بين الجزائر ودولة قطر في المرحلة الراهنة؟
العلاقات بين الجزائر ودولة قطر الشقيقة تُعدّ نموذجًا متميزًا للعلاقات العربية القائمة على الاحترام المتبادل والثقة والتعاون البنّاء. هذه العلاقات تستند إلى الروابط الأخوية الوثيقة بين قيادتي البلدين، السيد الرئيس عبد المجيد تبون، وأخيه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، اللذين يجمعهما حرص مشترك على تنسيق المواقف إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولية وتعزيز العمل العربي المشترك. وقد بلغت العلاقات السياسية بين البلدين مرحلة نضج واستقرار تسمح بالانتقال إلى شراكة إستراتيجية شاملة تشمل السياسة والاقتصاد والاستثمار والطاقة.

– تنسيق سياسي
◄ ما أبرز نتائج جولة المشاورات السياسية الأخيرة بين وزارتي الخارجية في البلدين؟
أسفرت جولة المشاورات الأخيرة عن توافق واسع حول آليات التنسيق الثنائي المنتظم، وتفعيل اللجان المشتركة في المجالات كافة. كما تم الاتفاق على تعزيز التنسيق بين البلدين في المحافل الإقليمية والدولية، خاصة في ظل عضوية الجزائر الحالية في مجلس الأمن ممثلةً للمجموعة العربية والإسلامية، حيث يجري تشاور دائم مع الأشقاء في قطر لتوحيد المواقف تجاه القضايا ذات الأولوية العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. ومن بين النتائج العملية كذلك: إطلاق خط بحري مباشر بين الجزائر وقطر لتسهيل المبادلات التجارية، توقيع اتفاقية جديدة في مجال النقل الجوي لتعزيز الربط السياحي والاقتصادي، والتوافق على تسريع تنفيذ المشاريع الاستثمارية المشتركة الكبرى.
◄ هل هناك تنسيق في المواقف بين الجزائر وقطر حيال القضايا الإقليمية؟
نعم، هناك تشاور دائم وتنسيق فعّال بين الجزائر وقطر حول القضايا العربية والدولية ذات الاهتمام المشترك. الموقفان الجزائري والقطري يلتقيان حول مبادئ راسخة تقوم على دعم الحلول السلمية، ورفض التدخلات الأجنبية، واحترام سيادة الدول ووحدة أراضيها. وفي إطار عضوية الجزائر في مجلس الأمن، يتم تنسيق المواقف بشكل وثيق مع دولة قطر بما يخدم المصالح العربية والإسلامية، ويعزز الجهود المشتركة في الدفاع عن القضايا العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
◄ كيف تنظر الجزائر إلى الدور القطري في الوساطة وحل النزاعات؟
الجزائر تُقدّر عالياً الجهود التي تبذلها دولة قطر الشقيقة في مجال الوساطة الدبلوماسية وتسوية النزاعات بالطرق السلمية، وتُعد قطر فاعلاً إيجابيًا في العديد من الملفات الإقليمية، وقد اكتسبت خبرة معتبرة في بناء التوافقات وإدارة الحوار. وفي هذا السياق، تشترك الجزائر وقطر في كونهما وسيطين موثوقين يحظيان بمصداقية عالية على الصعيدين الإقليمي والدولي، إذ يُشهد لهما بقدرتهما على الجمع بين الأطراف المتنازعة في مناخ من الثقة والاحترام المتبادل. لقد راكمت الجزائر تجربة دبلوماسية ثرية في مجال الوساطة، ومن أبرز محطاتها:
• أزمة الرهائن الأمريكية في إيران (1979– 1981): نجحت الجزائر في التوسط بين الولايات المتحدة وإيران، مما أدى إلى توقيع اتفاق الجزائر في يناير 1981، وأفضى إلى إطلاق سراح الرهائن الأمريكيين الـ52.
• النزاع في مالي (2015): لعبت الجزائر دور الوسيط الرئيسي، مما أدى إلى توقيع اتفاق مسار الجزائر للسلام والمصالحة في مايو 2015.
• النزاع الحدودي بين السودان وإثيوبيا (الفشقة، 2018): توصلت الأطراف إلى تسوية سياسية سلمية في ديسمبر 2018.
• اتفاقية سلام للنزاع بين إثيوبيا وإريتريا (2000):
تُعرف هذه الاتفاقية بـ «اتفاقية الجزائر 2000»، وقد تم التوصل إليها بعد وساطة جزائرية فعّالة بين الطرفين، اللذين كانا في حالة حرب منذ عام 1998 بسبب نزاع حدودي. وقد أسهمت هذه الوساطة في إنهاء أحد أطول النزاعات في القارة الأفريقية.
• الوساطة بين إيران والعراق خلال اجتماع أوبك (1975): نجحت الجزائر في التوصل إلى اتفاق لتحديد الحدود البحرية والبرية بين البلدين في 13 يونيو 1975، مما ساهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي.
• جمع الفصائل الفلسطينية (2022):
استضافت الجزائر لقاءات لتوحيد الموقف الفلسطيني تمهيدًا لاجتماعات جامعة الدول العربية.
– جهود إحلال السلام
◄ ما الدور الذي يمكن أن تضطلع به الجزائر في دعم جهود إحلال السلام وإعادة إعمار غزة؟ وكيف يتم التنسيق مع الجهود القطرية والدول العربية والإسلامية؟
أكد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أن الجزائر ستواصل دعمها الثابت للقضية الفلسطينية، وستسهم بفعالية في جهود إعادة إعمار غزة، بما يتماشى مع مبادئها الثابتة في دعم حقوق الشعوب في تقرير مصيرها وتحقيق السلام العادل والدائم. كما أكدت الجزائر من منبر الأمم المتحدة، أنها تبذل كل جهدها بالتعاون مع قطر وعدد من الدول الشقيقة في إطار الجهود الدولية لإعادة إعمار غزة، بما يشمل الدعم المادي والسياسي لضمان نجاح مشاريع إعادة الإعمار وتحقيق السلام العادل. ويتم التنسيق مع دولة قطر الشقيقة بشكل متواصل ومتكامل، سواء على المستوى السياسي أو الإنساني، لضمان توحيد الجهود وتكامل المبادرات في تقديم الدعم اللازم للشعب الفلسطيني.
◄ هل هناك زيارات رفيعة مرتقبة؟
نعم، هناك ترتيبات جارية لتنظيم زيارات متبادلة على أعلى المستويات، من شأنها إعطاء دفعة قوية للعلاقات الثنائية، وترجمة التفاهمات القائمة إلى مشاريع ملموسة في مجالات الاستثمار والطاقة والصناعة والتكنولوجيا. كما يجري حاليًا تحضير انعقاد اللجنة العليا المشتركة بين الجزائر وقطر، والتي من المتوقع أن تشهد توقيع عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم لتعزيز التعاون في مختلف القطاعات الاقتصادية والسياسية والتنموية.
– تعاون اقتصادي
◄ هل هناك تطور في مستوى التعاون الاقتصادي وحجم التبادل التجاري بين البلدين؟
يشهد التعاون الاقتصادي بين الجزائر وقطر تطورًا مستمرًا ومشجعًا، يعكس الإرادة المشتركة للارتقاء به إلى مستويات أعلى من التكامل والشراكة. ويُسجَّل تقدم ملموس في مجالات الصناعة والطاقة والزراعة والخدمات، مع سعي الجانبين إلى تنويع المبادلات التجارية وتوسيع قنوات الاستثمار بما يتناسب مع الإمكانات الاقتصادية المتاحة من المشاريع الكبرى القائمة. يشكل مركب بلارة للحديد والصلب في جيجل نموذجًا للشراكة الجزائرية– القطرية الناجحة، حيث يمتلك مجمع سيدار الجزائري 51 %، وشركة صناعات قطر 49%. ويستهدف المركب إنتاج نحو 1.9 مليون طن من الحديد سنويًا، مع صادرات بلغت 300 مليون دولار في عام 2023، ويُخطط لتوسعة الطاقة الإنتاجية للوصول بصادراته إلى نحو 1.2 مليار دولار بنهاية عام 2025.
أما في قطاع الاتصالات، فتستثمر شركة أوريدو الجزائر، المملوكة أغلبها لشركة قطرية، بشكل مستمر في تطوير البنية التحتية الرقمية، بما في ذلك شبكات الجيل الخامس وخدمات الألياف البصرية، وقد حققت أرباحًا بلغت 9.6 مليار ريال قطري في عام 2023. وفي مجال الأمن الغذائي، يمثل مشروع بلدنا لإنتاج الحليب في أدرار استثمارًا إستراتيجيًا بقيمة 3.5 مليار دولار على مساحة 117 ألف هكتار، بهدف تغطية نحو 50 % من احتياجات السوق الوطنية من الحليب المجفف، مع توقع أن يصل الإنتاج إلى حوالي 194 ألف طن سنويًا عند بلوغ المشروع كامل طاقته الإنتاجية.
– آفاق واعدة
◄ هل هناك مشاريع جديدة قيد الدراسة؟
هناك مشاريع استثمارية واعدة قيد التفاوض في قطاعات الطاقة، والبنية التحتية، والسياحة، والعقار، إضافة إلى دراسات أولية لمشاريع في الطاقات المتجددة ضمن إستراتيجية التحول الطاقي في الجزائر. كما تبدي الشركات القطرية اهتمامًا متزايدًا بالمشاركة في مشاريع الهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية، انسجامًا مع رؤية البلدين في مجال التنمية المستدامة. وتفتح الإمكانات الطبيعية التي تتمتع بها الجزائر والخبرة العالمية التي تمتلكها قطر آفاقًا واسعة للتعاون في مجالات الهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية، بما ينسجم مع إستراتيجية التنمية المستدامة لكلا البلدين ويعزز أهداف الاقتصاد الأخضر.
◄ ما هي التسهيلات التي تقدمها الجزائر للمستثمرين القطريين؟
وفَّرَت الجزائر بيئة استثمارية منفتحة ومحفزة من خلال القانون الجديد للاستثمار لعام 2022، الذي يتيح امتيازات ضريبية وجمركية وضمانات قانونية واضحة. كما يجري العمل على تفعيل الخط البحري المباشر بين الموانئ الجزائرية والقطرية لتسهيل نقل السلع وخفض التكاليف اللوجستية. السلطات الجزائرية تبدي حرصًا على توفير كل الظروف الملائمة للاستثمارات القطرية الكبرى، بما يعزز التكامل الاقتصادي بين البلدين.
◄ هل سيتم تنظيم المنتدى الاستثماري الجزائري– القطري؟
تتواصل التحضيرات لتنظيم منتدى اقتصادي جزائري– قطري بالتزامن مع معرض المنتجات الجزائرية في نسخته الثانية. ويُعد هذا المنتدى منصة هامة تجمع رجال الأعمال من البلدين لاستعراض فرص الاستثمار في قطاعات الزراعة، الصناعة، والطاقات المتجددة، بما يعزز التعاون الثنائي ويُترجم الرؤية المشتركة إلى مشاريع عملية. كما يلعب مجلس رجال الأعمال في البلدين دورًا محوريًا في تشجيع الشراكات بين المؤسسات الخاصة وتبادل الخبرات. وقد تم بالفعل إطلاق عدد معتبر من المشاريع المشتركة التي تترجم إرادة الجانبين في تعميق التعاون الاقتصادي ورفع مستوى المبادلات التجارية.
مساحة إعلانية




