أخبار العرب والعالم

القمة الأمريكية – الروسية في ألاسكا غدا.. آمال عريضة وتحديات كبرى أمام القطبين

عربي ودولي

14

14 أغسطس 2025 , 03:29م

alsharq

القمة الأمريكية – الروسية

 تتجه الأنظار إلى ألاسكا غدا الجمعة، وبالتحديد إلى مدينة إنكوريج كبرى مدن الولاية، حيث ستعقد هناك قمة تاريخية بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، لمناقشة إمكانية إنهاء الحرب المستمرة في أوكرانيا منذ ثلاث سنوات ونصف السنة، في أكبر صراع تعرفه أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.


ويعقد هذا اللقاء الأول بين الرئيسين منذ عام 2019 بعد عدة اتصالات هاتفية جرت منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، حيث أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت أن ترامب “يريد الاستماع” إلى نظيره الروسي خلال قمة القطبين، التي تجرى بناء على طلب بوتين، وهي نقطة تشدد عليها واشنطن.


وكان ترامب قد وعد خلال حملته الانتخابية بإنهاء الحرب الأوكرانية “في غضون 24 ساعة”، لكن هذا الوعد الطموح الذي بدا مستحيلا في البداية تحول إلى اختبار حقيقي لقدراته الدبلوماسية، وقد جاءت موافقة الرئيس الأمريكي على عقد القمة لتشكل تحولا مفاجئا بعد التعبير عن إحباطه من الرئيس بوتين على مدى أسابيع لمقاومته مبادرة السلام الأمريكية، كما جاءت بعد زيارة مبعوثه ستيف ويتكوف إلى موسكو ومباحثاته مع الرئيس بوتين، ليخرج سيد البيت الأبيض للإعلام بالقول إن مبعوثه أحرز “تقدما كبيرا”، بعد أن أمهل موسكو حتى غد الجمعة لإنهاء الحرب في أوكرانيا تحت طائلة التعرض لعقوبات جديدة لم يحددها، لكنها قد تتضمن رسوما جمركية كبيرة جدا ستفرض على الدول التي تشتري النفط الروسي، وأكبرها الهند والصين.


واستبق الرئيس ترامب قمة ألاسكا بالقول إن قمته مع بوتين ستكون “لقاء استكشافيا”، مستبعدا تحقيق اختراقات كبيرة، لكنه شدد على أن هدفه الأساسي هو تقييم إمكانية وقف إطلاق النار وفهم ما إذا كان بالإمكان التوصل إلى تسوية دائمة، وهو ما كشفت عنه المكالمة الهاتفية التي جمعت ترامب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين أمس الأربعاء، المندرجة ضمن إطار محاولة كييف وحكام أوروبا التأثير على موقف واشنطن قبل قمة ألاسكا.


ووفق مصادر غربية، أوضح الرئيس ترامب أنه لا ينوي فرض قرارات نهائية بشأن الأراضي، وأشار إلى أن أي اتفاق سلام محتمل قد يستدعي تبادلا للأراضي، مضيفا أن هذه المسألة يجب أن يناقشها الرئيسان الروسي والأوكراني.


وشدد كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدرش ميرتس، اللذين شاركا في المكالمة، على أن ترامب أعرب عن رغبته في بذل جهود للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، بينما أشار الرئيس زيلينسكي إلى أن أي تسوية يجب أن تُبنى على مبدأ الحفاظ على السيادة الأوكرانية ووحدة أراضيها. وأكد أن أي حل دبلوماسي لا يمكن أن يُفرض من دون مشاركة بلاده، داعيا إلى عقد قمة ثلاثية تضمه والرئيسين ترامب وبوتين.


وقد توعد الرئيس ترامب نظيره الروسي بوتين “بعواقب وخيمة” إذا عرقل الأخير تحقيق السلام في أوكرانيا، لكنه قال أيضا إن اجتماعا بينهما قد يليه اجتماع ثان يضم الرئيس الأوكراني، ولم يحدد ترامب طبيعة تلك العواقب، لكنه حذر من عقوبات اقتصادية إذا لم يفض اجتماعه مع بوتين في ألاسكا إلى نتائج.

ووعد ترامب بالتحدث إلى زيلينسكي والقادة الأوروبيين بعد القمة، حيث صرح قائلا “قد أقول حظا سعيدا واصلوا القتال، أو قد أقول يمكننا إبرام اتفاق”، بينما طالب المستشار الألماني فريدريش ميرتس، الذي استضاف الاجتماع عبر الإنترنت، بضرورة استمرار تطبيق مبدأ عدم جواز تغيير الحدود بالقوة، مضيفا أنه “إذا لم يتمخض اجتماع ألاسكا عن أي تحرك من الجانب الروسي، فسيكون على الولايات المتحدة والأوروبيين زيادة الضغوط”.


ويعترض الكرملين على لقاء يضم بوتين وزيلينسكي، على الأقل حتى يتوصل الطرفان إلى اتفاق سلام، ويكون جاهزا للتوقيع، وقد صرح الرئيس بوتين الأسبوع الماضي أنه لا يعارض لقاء زيلينسكي، “لكن هناك حاجة إلى تهيئة ظروف معينة”، وهي “لا تزال بعيدة المنال”.


وكانت موسكو قد قدمت في السابق شروطا لوقف إطلاق النار غير مقبولة بالنسبة لزيلينسكي؛ مثل سحب القوات الأوكرانية من المناطق الأربع التي ضمتها روسيا عام 2022، ووقف جهود التعبئة، أو تجميد شحنات الأسلحة الغربية.


ومن أجل سلام أوسع نطاقا، يطالب الرئيس الروسي بوتين كييف بالتنازل عن المناطق التي ضمتها، رغم أن روسيا لا تسيطر عليها بالكامل، وعن شبه جزيرة القرم، والتخلي عن مساعي الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وتقييد حجم قواتها المسلحة، والاعتراف بالروسية لغة رسمية إلى جانب الأوكرانية.


كما حذر بوتين أوكرانيا من مواجهة ظروف أكثر صعوبة لتحقيق السلام مع توغل القوات الروسية في مناطق أخرى لبناء ما وصفه بـ”المنطقة العازلة”، بينما أشار بعض المراقبين إلى أن روسيا قد تقايض هذه المكاسب الأخيرة بأراض خاضعة للسيطرة الأوكرانية في المناطق الأربع التي ضمتها موسكو.


وتتراوح توقعات المراقبين لقمة ألاسكا بين التفاؤل الحذر والقلق من تداعياتها الجيوسياسية، وقالت إن القمة قد تسفر عن اتفاق مؤقت لوقف إطلاق النار في أوكرانيا، خاصة مع سعي الرئيس ترامب لتقديم نفسه كوسيط قادر على إنهاء الصراع، إلا أن هناك شكوكا حول استدامة أي اتفاق دون مشاركة أوكرانيا والدول الأوروبية.


ويضيف المراقبون أن الرئيس الأوكراني قد يُدعى لحضور قمة مع الرئيس الروسي، خاصة بعد ضغوط أوروبية مكثفة لضمان تمثيل أوكرانيا في القمة، ولا يستبعدون أن تطرح القمة “إطارا لمواصلة المفاوضات”، غير مستبعدين موافقة موسكو مثلا على انضمام كييف إلى الاتحاد الأوروبي إذا ما تخلت عن طلبها الانضمام إلى حلف /الناتو/.


ويجمع المراقبون على أن القمة تمثل لحظة دبلوماسية حساسة قد تحمل نتائج غير متوقعة، سواء كانت خطوة نحو السلام أو تأجيجا للصراع، يجعل السلام هناك أبعد منالا في المستقبل المنظور.


وقد أظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة جالوب الأسبوع الماضي أن 69 بالمئة من الأوكرانيين يؤيدون إنهاء الحرب عن طريق التفاوض في أقرب وقت ممكن، لكن الاستطلاعات تشير أيضا إلى أن الأوكرانيين لا يريدون السلام بأي ثمن إذا كان ذلك يعني تنازلات ساحقة.

مساحة إعلانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى