
كشف رصد أجرته «عكاظ» ارتفاعاً لافتاً في عدد المنشآت التجارية التي تمتلكها النساء في المملكة العربية السعودية، لتصل إلى 729,269 منشأة بنهاية الربع الثالث من العام 2025، مسجِّلة نمواً ملحوظاً بنسبة 42.29% مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2023. ويُظهر الرصد أن إجمالي ملكية النساء للمنشآت يعادل 43.36% من إجمالي الملكية العامة للمنشآت في المملكة، إذ بلغ مجموع السجلات المملوكة للنساء 729,269 منشأة من أصل 1,681,723 منشأة، في مؤشر يعكس التحوّل النوعي في خريطة النشاط الاقتصادي. وخلال عامين فقط، تمكّنت النساء من افتتاح 216,739 منشأة جديدة (بمتوسط يقارب 297 منشأة يومياً)، ما يجسد حيوية وديناميكية الدور الاقتصادي للمرأة في السعودية وتوسع مشاركتها في مختلف القطاعات التجارية والاستثمارية.
ووفقاً للرصد، ارتفعت المنشآت التي تمتلكها النساء بمختلف أحجامها «متناهية الصغر، الصغيرة، المتوسطة، والكبيرة»، في دلالة واضحة على تنامي الحضور النسائي في جميع مستويات النشاط الاقتصادي. ويأتي هذا النمو مدعوماً بشراكة قوية بين الدولة والقطاع الخاص، الذي يعد شريكاً فاعلاً في إنجاح السياسات الاقتصادية للدولة، خصوصاً أن السعودية من ضمن دول G20، ما يعكس التنسيق الإستراتيجي بين القطاعين العام والخاص لتحقيق التنمية المستدامة.
ويأتي هذا الإنجاز في إطار رؤية المملكة 2030 الطموحة، وجهود الدولة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، التي ركّزت على تمكين المرأة السعودية وتعزيز مشاركتها الفاعلة في الاقتصاد الوطني، وتهيئة بيئة استثمارية محفزة ومرنة لرواد الأعمال، بما يعكس أثر السياسات الداعمة والمبادرات النوعية التي أطلقتها الجهات الحكومية لتسهيل تأسيس وإدارة المنشآت، وتمكين النساء من الإبداع والابتكار، والمساهمة بفاعلية في مسيرة التنمية الاقتصادية الشاملة.
575 منشأة كبرى.. نمت 151 %
ارتفع عدد المنشآت الجديدة (الكبيرة) المملوكة للنساء خلال عامين بنسبة 151.09% لتصل إلى 575 منشأة، فيما كان عددها في عام 2023 نحو 229 منشأة، بمتوسط دخول نحو 346 منشأة جديدة (كبيرة) في عامين، وتصنف المنشأة (كبيرة الحجم) إذا كان يعمل بها نحو 250 موظفاً أو أكثر، أو تتجاوز إيراداتها 200 مليون ريال.
وصعدت المنشآت المصنّفة ذات حجم «متوسط» بنسبة 148.05%، لتصل إلى 4,264 منشأة، بدخول 2,554 منشأة إلى سوق العمل (بمتوسط افتتاح أكثر من 3 منشآت ذات حجم متوسط يومياً)، وكان عدد المنشآت بنهاية الربع الثالث من عام 2023 نحو 1,719 منشأة، وتصنّف المنشأة (متوسطة الحجم) في حال بلغ عدد العاملين بها نحو «50 – 249 موظفاً» أو تبلغ إيراداتها «40 – 200 مليون ريال».
أما المنشآت الصغيرة، التي يتراوح عدد الموظفين بها بين 6 إلى 49 فرداً أو تبلغ إيراداتها من 3 – 40 مليون ريال، فارتفع عددها إلى 42,232 منشأة، بافتتاح 8,918 منشأة (بمتوسط تدشين أكثر من 12 منشأة متوسطة الحجم يومياً ولمدة عامين)، وكان عدد المنشآت بنهاية الربع الثالث من عام 2023 نحو 33,314 منشاة، أما الزيادة النسبية في عدد المنشآت الصغيرة فبلغت 26,77%.
«متناهية الصغر» الأعلى إقبالاً
تعدّ المنشآت متناهية الصغر الأعلى إقبالاً من النساء في فتح سجلاتها التجارية، ليصل عددها بنهاية الربع الثالث من العام الحالي 2025 إلى 682,198 منشأة، وخلال عامين تم افتتاح 204,930 منشأة جديدة (بمتوسط افتتاح 281 منشأة متناهية الصغر يومياً ولمدة عامين)، وبلغت نسبة ارتفاع المنشآت في عامين نحو 42.94%، وتصنّف المنشأة بأنها متناهية الصغر إذا بلغ عدد العاملين بها 5 عاملين فأقل، أو بلغت إيراداتها حتى 3 ملايين ريال.

88 نشاطاً.. تشييد المباني و«التجزئة» الأعلى استثماراً
كشف الرصد تنوّع واتساع استثمارات النساء في مختلف الأنشطة الاقتصادية بالمملكة، مع تركّز واضح في قطاعات التشييد والتجارة والخدمات، التي استحوذت على النصيب الأكبر من عدد المستثمرات من بين 88 نشاطاً يستثمرن فيها.
وتصدّر نشاط تشييد المباني قائمة عدد السجلات التجارية للنساء ليصل مجموع السجلات للنساء فيه إلى 115,371 سجلاً تجارياً، ثم تجارة التجزئة (باستثناء المركبات ذات المحركات والدراجات النارية) بعدد 96,205 سجلات تجارية للمستثمرات في النشاط.
وجاءت أنشطة خدمات الأطعمة والمشروبات في المرتبة الثالثة مسجلة 58,571 مستثمرة، تلتها أنشطة الخدمات الشخصية الأخرى بـ40,246 سجلاً تجارياً، ثم أنشطة التشييد المتخصصة بـ38,298 سجلاً تجارياً للنساء.
كما سجل نشاط تجارة الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات 35,906 سجلات تجارية للسيدات، يليه نشاط تجارة الجملة (باستثناء المركبات) بـ28,810 مستثمرات، ثم نشاط التخزين وأنشطة الدعم للنقل بعدد 24,537 سجلاً تجارياً.
وفي المقابل، سجلت بعض الأنشطة أقل معدلات استثمار نسائي، من بينها تمويل التأمين وإعادة التأمين وصناديق المعاشات التقاعدية بعدد 10 مستثمرات فقط، وأنشطة الأسر المعيشية التي تستخدم أفراداً للعمل المنزلي بـ7 مستثمرات، إلى جانب أنشطة المنظمات والهيئات غير الخاضعة للولاية القضائية الوطنية، والأنشطة غير المتميزة لإنتاج السلع والخدمات للأسر المعيشية الخاصة، بمستثمرة واحدة لكل نشاط، ما يعكس تفاوتاً في توزّع الاستثمارات النسائية بين القطاعات الاقتصادية المختلفة.
ما أكثر القطاعات نمواً بين سيدات الأعمال؟
جاء قطاع تشييد المباني في الصدارة، إذ ارتفع عدد السجلات الجديدة لسيدات الأعمال فيه بمقدار 66,280 سجلاً تجارياً للمستثمرات بنهاية الربع الثالث من 2025، فيما سجّلت تجارة التجزئة (باستثناء المركبات ذات المحركات والدراجات النارية) زيادة بمقدار 26,592 سجلاً تجارياً للمستثمرات.
كما شهد قطاع التخزين وأنشطة الدعم للنقل نمواً بمقدار21,897 سجلاً تجارياً للسيدات، في حين ارتفعت أنشطة خدمات الأطعمة والمشروبات بمقدار 14,344 سجلاً للمستثمرات.
وفي مجال أنشطة التشييد المتخصصة، قفز عدد سجلات المستثمرات بمقدار 11,337 سجلاً تجارياً لسيدات الأعمال، بينما سجّل قطاع التعليم زيادة قدرها 10,893 سجلاً تجارياً للنساء.
ويعكس هذا النمو المستمر تزايد اهتمام النساء بالمشاركة في الأنشطة الاقتصادية المختلفة، خصوصاً في القطاعات الحيوية مثل البناء والتعليم والتجزئة، ما يعزّز دورهن في دعم الاقتصاد الوطني وتوسيع قاعدة الاستثمار النسائي.
ما أعلى الأنشطة في كل منطقة إدارية؟
اختلفت الأنشطة الجاذبة لسيدات الأعمال بحسب المناطق، إذ تصدّر نشاط «تشييد المباني» في كل من مناطق «الرياض، الشرقية، الحدود الشمالية، القصيم، حائل، نجران».
بينما تصدّرت تجارة التجزئة باستثناء المركبات ذات المحركات والدراجات النارية قائمة النشاطات النسائية في مناطق: «الباحة، الجوف، المدينة المنورة، تبوك، جازان، عسير، ومكة المكرمة».
يعكس هذا التوزيع النمو المتنامي لمشاركة النساء في القطاعات الاقتصادية المختلفة، ويؤكد دور السياسات الحكومية الداعمة في تعزيز ريادة الأعمال وتمكين المرأة السعودية عبر جميع مناطق المملكة، بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030 الطموحة.

ما أبرز الحوافز والتسهيلات المقدمة للمستثمرات في السعودية؟
رصدت «عكاظ» وجود 6 حوافز رئيسية قُدِّمت للمستثمرين في السعودية من السعوديين وغير السعوديين، وهو ما ساهم في نمو عدد المستثمرات في السعودية خلال الفترة الماضية، ومن أبرز تلك الحوافز:
– أتيح للمستثمرات والمستثمرين في السعودية فتح السجل التجاري أو تجديده أو إضافة الأنشطة بسرعة فائقة دون الحاجة لزيارة فروع المركز السعودي للأعمال أو وزارة التجارة، وذلك خلال 180 ثانية فقط.
– تم إعفاء المنشآت الصغيرة ومتناهية الصغر من المقابل المالي لـ2 من العاملين فيها في حال كان إجمالي عدد العاملين بمن فيهم المالك 9 عاملين فقط، بشرط تفرغ المالك للعمل فيها، مع رفع عدد المعفيين إلى 4 عمال عند تفرغ المالك ووجود موظف سعودي يعمل بها.
– لدعم الصناعة، التي تعد من القطاعات المهمة جداً في الاقتصاد، تم إلغاء رسوم العمالة في المصانع، وهو يدعم القطاع ويسهم في خلق قيمة مضافة في الاقتصاد الوطني.
– تم إطلاق مبادرة لاسترداد الرسوم الحكومية للمنشآت الناشئة في السعودية، وشملت المبادرة 10 من الرسوم والتكاليف المالية، إذ تتضمن إعادة 80% من المقابل المالي للعامل الأجنبي، ونشر عقد التأسيس، والسجل التجاري، والرخص البلدية، واشتراكات «البريد السعودي» و«الغرف التجارية»، وتسجيل العلامة التجارية، وتراخيص الأنشطة الاقتصادية، وتحويل المؤسسة إلى شركة، إضافة إلى تسجيل براءة الاختراع التي أُدرجت في هذه النسخة؛ لتعزيز مسارات الابتكار والاختراع.
– تم دعم وتوظيف المواطنين في برنامج «تمهير» عبر تقديم دعم مالي للمستثمرين عند توظيف خريجين وخريجات سعوديين.
– كفل نظام الاستثمار المعاملة المتساوية للمستثمرين المحليين والأجانب، دون تمييز على أساس الجنس أو الجنسية، وهو ما ساهم في ارتفاع عدد المستثمرين الأجانب في السعودية إلى 58 ألف مستثمر أجنبي، وتضاعفه 4 مرات عن السابق.





