
عربي ودولي
32
بعد خمس سنوات على أزمة المصارف والفجوة المالية
بيروت – حسين عبد الكريم
بعد خمس سنوات على أزمة الودائع في لبنان بدأت الحكومة اللبنانية أولى الخطوات الجدية نحو معالجة الأزمة المالية حيث أحال رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام مشروع قانون الفجوة المالية إلى مجلس الوزراء، في خطوة تحمل دلالات سياسية واقتصادية لافتة، تعكس توجهاً رسمياً لتحمّل مسؤولية أحد أكثر الملفات تعقيداً في مسار الخروج من الأزمة المالية. وجاء الإعلان العلني عن المشروع ليؤكد إدراك الحكومة لحساسية توزيع الخسائر المتراكمة منذ عقود، وما يرافق ذلك من تباينات حادة بين المصارف، والمودعين، وصندوق النقد الدولي.
وظهر سلام محاطاً بالفريق المعني بإعداد المشروع والتفاوض بشأنه مع صندوق النقد، في مشهد يهدف إلى تثبيت الطابع الجماعي للمسؤولية، وتفادي تكرار تجارب سابقة تعثّرت فيها خطط إصلاحية تحت ضغط مصالح مالية نافذة. وتُظهر هذه المقاربة استفادة واضحة من دروس السنوات الماضية، التي شهدت إخفاقات متتالية في إقرار حلول مستدامة.
ومن المقرر أن يبدأ مجلس الوزراء، يوم الإثنين، مناقشة المشروع، وسط محاولات من أطراف مصرفية معارضة لإسقاطه. غير أن المعطيات السياسية الحالية، إضافة إلى الدعم الدولي ولا سيما الفرنسي، تجعل من تمريره احتمالاً قائماً، مع فتح الباب أمام تعديلات تهدف إلى تحسينه لا تعطيله.
وشدد المشروع على إخضاع ميزانيات المصارف ومصرف لبنان لتدقيق وتقييم من شركات دولية مستقلة وفق المعايير المعتمدة، مع احتساب الخسائر الفعلية استناداً إلى الالتزامات المتبادلة ونوعية القروض المتعثرة.
كما أعاد المشروع التأكيد على مبدأ تراتبية الحقوق، بحيث يتحمّل المساهمون الخسائر أولاً عبر شطب رأس مالهم، قبل تحميل أي أعباء لطرف آخر. ورغم توقع طلب صندوق النقد إدخال تعديلات إضافية على التسلسل الزمني للتدقيق وشطب الرساميل، تشير مصادر مالية رسمية إلى أن هذه التعديلات تبقى ممكنة ولن تمسّ بحقوق المودعين.
وفي خطوة لافتة، وسّع المشروع نطاق استعادة الأموال، ليشمل ضرائب على الأموال المحوّلة إلى الخارج، والأرباح الناتجة عن الهندسات المالية، إضافة إلى المكافآت والأرباح المفرطة التي حصل عليها مساهمون وكبار موظفي المصارف، على أن يحددها مقيمون مستقلون. كما نصّ على تصفير الشريحة الأولى من أسهم المصارف، وإلزام أصحابها بإعادة رسملتها بالكامل.
مساحة إعلانية




