
عربي ودولي
56
خيام النازحين وقد تكدست لتفادي خروقات وقف النار
❖ غزة – محمـد الرنتيسي
تنشر موجات التصعيد المفاجئ، التي توالت منذ توقيع اتفاق التهدئة في 10 أكتوبر الماضي، الرعب والهلع، في نفوس الغزيين، وقد أسفرت الخروقات المتواصلة عن استشهاد أكثر من 300 مواطن من المدنيين، غالبيتهم نساء وأطفال، فضلاً عن أكثر من 700 جريح، بينما اعتقل جيش الاحتلال أكثر من 40 مواطناً خلال توغله في مناطق مختلفة، ما خلق واقعاً دموياً على التهدئة. توقفت الحرب على قطاع غزة لكنها لم تتوقف.. هذه ليست أحجية ولا لغزاً، إذ مضى 40 يوماً على إعلان اتفاق «شرم الشيخ» لوقف إطلاق النار، وفقاً للخطة الأمريكية، لكن جيش الاحتلال ما زال يواصل خروقاته شبه اليومية للاتفاق، ويعطل الولوج إلى المرحلة الثانية، لا بل إن قادة الكيان الإسرائيلي عادوا للتهديد والوعيد بشن عملية عسكرية واسعة على غزة، ما لم تسلم حركة حماس سلاحها، وتتراجع عن محاولات إعادة بناء ترسانتها العسكرية، وفق زعمهم.
400 خرق لوقف إطلاق النار، خلال 40 يوماً، سقط على إثرها ضحايا جدداً، ودمرت أشباه منازل، ونسفت مربعات سكنية، وتضاعفت خلالها القبضة الإسرائيلية الحديدية، التي تمنع آلاف النازحين من العودة إلى منازلهم وأماكن سكناهم، وتفرض إجراءات معقدة لدخول المساعدات للسكان، ما ينتهك البروتوكول الإنساني الملحق بإعلان وقف إطلاق النار، فضلاً عن الواقع الديموغرافي الصعب الذي انتجته ممارسات الاحتلال، وطالت أجزاء واسعة من قطاع غزة. في منطقة المواصي بخان يونس جنوب قطاع غزة، أصبح تعرض النازحين إلى إطلاق النار العشوائي أمراً مألوفاً، ويرقب المواطنون بقلق طائرات الاستطلاع وهي تحلق في سماء المنطقة، فيلتزمون خيامهم، وسط مشاعر من القلق تسيطر عليهم، وتخلو شوارع قطاع غزة من المارة، مع كل موجة تصعيد.
ويروي النازح أحمد زعرب من خان يونس، أن خروقات وقف إطلاق النار لا تقتصر فقط على منطقة المواصي، إذ تسمع أصوات القذائف والغارات في سائر أرجاء القطاع، مبيناً أن موجات التصعيد الأخيرة، نقلت بالفعل تجربة لبنان إلى قطاع غزة. ويواصل: «لم نشعر بالهدوء منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار.. الغارات مستمرة بشكل شبه يومي، وجيش الاحتلال يتذرع بإطلاق النار على قواته بالقرب من الخط الأصفر، ويرد بقصف مكثف وعنيف، ونحن كنازحين من يدفع الثمن.. أصبحنا في قلب النار». وصبّ النازح فؤاد السطري غضبه على الإدارة الأمريكية، التي لم تعد وسيطاً نزيهاً، على حد تعبيره، بل تعطي الضوء الأخضر للكيان الإسرائيلي لاستئناف هجماته، وخرق الاتفاق بشكل مستمر، لافتاً إلى أن «خروقات التهدئة أصبحت بحاجة إلى تهدئة».
ومضى: «جيش الاحتلال يمارس عملاً متعمداً من خلال خروقات وقف إطلاق النار، فهو يهدف من ورائه إلى تبديد أي شعور بالأمن، ويريد ايصال رسالة لأهل غزة بأن الحرب لم تنته» مشككاً بروايات جيش الاحتلال حول تعرض قواته لهجمات فلسطينية».
وتعيد خروقات وقف الحرب، الأوضاع في قطاع غزة إلى المربع الأول، وفيما بدت أولويات الغزيين وقف إطلاق النار بشكل كامل، فإن القراءة الأولية لمستقبل القطاع، لا تحمل أياً من عناصر التفاؤل على الإطلاق، فهل تنتقل غزة إلى مرحلة سياسية خالصة؟.. الأوضاع محفوفة بتخوفات كبيرة من الانحدار إلى الأسوأ، كما يقرأ مراقبون.
مساحة إعلانية




