
عربي ودولي
36
غزة – قنا
يواجه الفلسطينيون في قطاع غزة يوميا خطر الموت جراء انفجار مخلفات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة من القنابل والصواريخ التي لم تنفجر بعد، لا سيما في ظل عجز الجهات المختصة محليا عن التعامل معها لقلة الإمكانيات، والحاجة لتدخل مؤسسات ومنظمات دولية متخصصة في التعامل مع مثل تلك المخلفات والتخلص منها.
وتمثل المخلفات الحربية للعدوان الإسرائيلي قنابل قتل موقوتة تهدد حياة المدنيين من سكان القطاع في ظل عودة النازحين إلى أماكن سكنهم في مناطق مختلفة، ومكوثهم على أنقاض المنازل أو حولها في الخيام.
وتشير التقديرات إلى أن آلاف القنابل والصواريخ التي أطلقتها طائرات ومدفعية الاحتلال الإسرائيلي لم تنفجر، وتنتشر بكثرة وسط المنازل المدمرة والركام وفي الطرقات وأسفل المنشآت المدمرة، مع وجود أعداد أخرى مما اصطلح على تسميته “الريبوتات” التي لم تنفجر، وهي مجنزرات إسرائيلية كانت تحمل بأطنان من المتفجرات ويتم زرعها وسط الأحياء السكنية لإحداث دمار مهول.
وتشير التقديرات والإحصاءات الرسمية في غزة إلى أن جيش الاحتلال ألقى خلال عامين من الحرب، ما يزيد عن 200 ألف طن من المتفجرات على القطاع، تتوزع ما بين الصواريخ من الطائرات الحربية والمروحية بمختلف أنواعها وقذائف المدفعية والبراميل المتفجرة وأنواع أخرى من الأسلحة والقنابل تستخدم لأول مرة، وفقا لتقارير دولية وأممية كشفت تحويل الاحتلال لقطاع غزة لحقل تجارب لأسلحته الجديدة.
وقال محمود بصل الناطق باسم جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة إن التقديرات تشير إلى وجود نحو 71 ألف طن من المتفجرات والمخلفات التي لم تنفجر بعد.
وأضاف بصل، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن العديد من هذه المخلفات الحربية والعسكرية والقنابل، تم رصدها داخل المباني السكنية والطرقات والمناطق الزراعية، وهو ما يجعل من كل عملية إنقاذ أو تنظيف أو محاولة انتشال لجثامين شهداء عملا محفوفا بالموت.
وأشار إلى أن فرق الإنقاذ تواجه مخاطر حقيقية، إذ قد تؤدي أي حركة خاطئة لانفجار قد يقتل أفراد الدفاع المدني أو المدنيين في الموقع.
من جانبه، قال مصدر في شرطة هندسة المتفجرات بالمديرية العامة للشرطة في غزة، إن طواقما مختصة تقوم منذ سريان وقف إطلاق النار بالتعامل وفق الإمكانات المتاحة مع المخلفات الحربية والأجسام المشبوهة التي خلفها الاحتلال الإسرائيلي في جميع محافظات قطاع غزة.
وأكد المصدر، لمراسل وكالة الأنباء القطرية /قنا/ في غزة، أن الأيام الماضية شهدت عدة حوادث انفجارات لأجسام مشبوهة وقنابل من مخلفات الاحتلال، أدت لإصابات، بينها أطفال نتيجة عبثهم بتلك الأجسام، مشددا على ضرورة توخي المواطنين الحذر والانتباه لأبنائهم، ودعا إلى عدم الاقتراب من أي مخلفات أو أجسام غريبة أو العبث حال العثور عليها بين الركام وأنقاض المباني المدمرة، مع ضرورة إبلاغ الجهات المختصة عنها.
بدوره، أكد محمد خيري مدير مركز غزة لحقوق الإنسان أن مخلفات الاحتلال الإسرائيلي الحربية في قطاع غزة، تشكل تهديدا يوميا لحياة المدنيين وجهود الاستجابة الإنسانية في الميدان، وتعرقل جهود الإنقاذ وإزالة الركام ومحاولات العودة للحياة.
وقال خيري، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن التقديرات الأولية تشير إلى وجود نحو 20 ألف جسم قابل للانفجار ولم ينفجر بعد، من قنابل وصواريخ وقذائف ألقاها جيش الاحتلال خلال العدوان العسكري والإبادة الجماعية التي استمرت أكثر من عامين، حيث تنتشر وسط ما يزيد عن نحو 65 إلى 70 مليون طن من الركام الناتج عن تدمير آلاف المنازل والمنشآت والمرافق الحيوية، وتمثل قنابل قتل موقوتة.
وحذر مدير مركز غزة لحقوق الإنسان من أن هذه الكميات الهائلة من الأنقاض ومعها المخلفات غير المنفجرة، تزيد من تعقيد الأمور وتجعل غزة تواجه أكبر كارثة إنسانية في التاريخ الحديث، كما أن المخلفات والذخائر غير المنفجرة في غزة تشكل خطرا جسيما على النازحين العائدين إلى مناطقهم السكنية وتعيق محاولاتهم عودة الحياة إليها.
وأشار إلى أن مركز غزة لحقوق الإنسان سجل خلال الأشهر الماضية وقوع العديد من الانفجارات الناتجة عن مخلفات غير منفجرة، منها انفجار في حي الزيتون شرقي مدينة غزة أوقع ضحايا من المدنيين خلال محاولتهم إزالة الركام من محيط منزلهم.
وشدد على أن هذه الحوادث تمثل شواهد حية على الخطر القائم والمستمر في كل شارع وحي في القطاع، حيث بات كل مكان تعرض للقصف أو التوغل الإسرائيلي مكانا محتملا لانفجار مفاجئ لدى محاولة النازحين العودة إليه، أو خلال عمل الطواقم الإنسانية لتهيئة المكان لاستقبال النازحين أو انتشال جثامين أو استصلاح الأراضي للزراعة.
وبين أن المخلفات الحربية غير المنفجرة تمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني، وخصوصا اتفاقيات جنيف، التي تلزم قوة الاحتلال باتخاذ جميع التدابير الممكنة لحماية المدنيين وضمان إزالة مخلفات الحرب من المناطق المأهولة، والإفصاح عن مواقع الذخائر والقنابل التي لم تنفجر.
وأكد أن هناك حاجة ماسة لتشكيل لجان دولية متخصصة تحت إشراف الأمم المتحدة لإجراء مسح شامل وسريع لجميع مناطق قطاع غزة لتحديد مواقع المخلفات غير المنفجرة، وإرسال فرق هندسية دولية مزودة بالمعدات والخبرات اللازمة لإزالة هذه المخلفات وتأمين المناطق المأهولة، مع إلزام سلطات الاحتلال بالكشف الفوري عن خرائط وأماكن سقوط الذخائر والقنابل التي ألقتها على القطاع خلال الحرب، أو تلك التي زرعتها في بعض الأماكن بما يمكن من التعامل الآمن معها.
ووفقا لتقرير أعده مركز بحثي فلسطيني، فإن التقديرات تشير إلى أن ما بين 5 إلى 10 في المئة من مخلفات الحرب الإسرائيلية من الذخائر المستخدمة، ما زالت ناشطة تحت الأنقاض، ما يجعل غزة من أكثر مناطق العالم تلوثا بالمتفجرات قياسا بمساحتها وعدد سكانها.
وأشار تقرير أعده المركز الفلسطيني للدراسات السياسية، واطلعت عليه وكالة الأنباء القطرية /قنا/، إلى أن الذخائر غير المنفجرة في قطاع غزة، لا تقتصر مشكلتها على بعدها الميداني فقط، بل تمتد لتشكل تهديدا مركبا ثلاثي الأبعاد، يتمثل في التهديد الإنساني الذي يطال حياة المواطنين بشكل مباشر ويعرض الأطفال والنساء والعاملين في الإعمار والإنقاذ لخطر دائم، بالإضافة إلى التهديد التنموي الذي يعطل إعادة الإعمار ويؤخر عودة الحياة الطبيعية، كما يزيد تكاليف المشاريع بسبب الحاجة إلى مسوحات هندسية وأمنية قبل أي عمل عمراني أو زراعي.
وأضاف أن البعد الثالث يتعلق بالتهديد السياسي والأمني، حيث يستخدم الاحتلال الإسرائيلي ملف المخلفات العسكرية كورقة ضغط وتقييد، من خلال التحكم في دخول المعدات وفرق إزالة الألغام، وإبقاء الملف في دائرة السيطرة الإسرائيلية.
وأوصى التقرير بضرورة إطلاق خطة وطنية شاملة لإزالة الذخائر غير المنفجرة بدعم دولي فني ومالي، تضمن حماية المدنيين وإعادة الإعمار الآمن، وتغلق الباب أمام أي وصاية خارجية على الأرض الفلسطينية.
يشار إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة بين حركة “حماس” والكيان الإسرائيلي دخل حيز التنفيذ في العاشر من الشهر الجاري، عقب انسحاب جيش الاحتلال من المواقع والمناطق المأهولة في القطاع، وبدء عودة النازحين إلى شمالي القطاع، وذلك في إطار المرحلة الأولى من مبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب على غزة.
مساحة إعلانية




