الاقتصاد

تعريفات ترمب تهز جنوب شرق آسيا

بعد أشهر من التهديدات والمفاوضات المكثفة والدبلوماسية السريعة، بدأت الولايات المتحدة تطبيق نظامها الجمركي الجديد في 7 أغسطس 2025، وفقًا لأمر تنفيذي شامل أصدره الرئيس دونالد ترمب في 31 يوليو.

يعكس هذا النظام رؤية ترمب لنظام تجاري عالمي جديد يقوم على مبدأ المعاملة بالمثل، حيث فرضت الولايات المتحدة تعريفات جمركية تتراوح بين 10% و41% على العديد من الدول، مع تركيز خاص على دول جنوب شرق آسيا التي سعت إلى تخفيف العبء الاقتصادي الناتج عن هذه السياسة التجارية العدوانية.

وحصلت معظم دول جنوب شرق آسيا، مثل فيتنام (20%)، والفلبين (19%)، وإندونيسيا (19%)، وماليزيا (19%)، وتايلاند (19%)، وكمبوديا (19%)، على تعريفات تتراوح بين 19% و20%، وهي معدلات تُعتبر الآن خطًا أساسيًا للمفاوضات التجارية المستقبلية مع الولايات المتحدة، وفقًا لمحللين.

هذه المعدلات تمثل تخفيضًا كبيرًا مقارنة بالتهديدات الأولية التي وصلت إلى 46% لبعض الدول، مثل فيتنام، التي نجحت في خفض التعريفة عبر مفاوضات شملت تعهدات بشراء منتجات أمريكية، بما في ذلك طائرات مقاتلة من طراز F-16.

ومع ذلك، يواجه هذه الدول تحديات في إعادة هيكلة سلاسل التوريد لتجنب تعريفات أعلى على المنتجات المُعاد شحنها من الصين، والتي تخضع لتعريفة 40% إذا تم اكتشافها.

على النقيض، واجهت لاوس وميانمار معاملة أكثر قسوة، حيث فُرضت عليهما تعريفات بقيمة 40% بسبب عدم توصلها إلى اتفاقيات تجارية مع واشنطن.

هذه المعدلات العالية تعكس نهج ترمب في الضغط على الدول ذات الفائض التجاري مع الولايات المتحدة، حيث أشار إلى أن هذه الدول استغلت الولايات المتحدة لسنوات.

بالنسبة لكمبوديا وتايلاند، كانت القصة مختلفة؛ فقد خفضت التعريفات من 49% و35% إلى 19% بعد موافقتهما على وقف إطلاق النار في نزاع حدودي، مما يظهر كيف ربطت الولايات المتحدة السياسة التجارية بالدبلوماسية الإقليمية.

تُظهر هذه التعريفات قيمة الدول في نظر الولايات المتحدة والتزاماتها لتجنب العقوبات الاقتصادية، على سبيل المثال وافقت إندونيسيا على شراء منتجات أمريكية بقيمة 15 مليار دولار في قطاع الطاقة، إلى جانب طائرات بوينغ ومنتجات زراعية، لخفض تعريفتها من 32% إلى 19%.

كما حصلت الفلبين، الحليف الأقدم للولايات المتحدة في آسيا، على تخفيض طفيف من 20% إلى 19% مقابل فتح أسواقها للسيارات الأمريكية، رغم انتقادات داخلية لمحدودية هذا التخفيض.

تُبرز هذه السياسة إستراتيجية ترمب «أمريكا أولاً»، التي تهدف إلى تقليص العجز التجاري الأمريكي، والذي بلغ 123.5 مليار دولار مع فيتنام وحدها في 2024.

ومع ذلك، يحذر الخبراء من أن هذه التعريفات قد تعيق النمو الاقتصادي وترفع التضخم، خاصة في الدول التي تعتمد على التصدير إلى الولايات المتحدة، كما تثير مخاوف من تعزيز نفوذ الصين في المنطقة، حيث تسعى دول جنوب شرق آسيا إلى تنويع شراكاتها التجارية لتقليل الاعتماد على السوق الأمريكية.

ويعكس نظام التعريفات الجديد رؤية ترمب لإعادة تشكيل التجارة العالمية، مع تأثيرات كبيرة على جنوب شرق آسيا، بينما نجحت معظم الدول في تخفيض التعريفات عبر المفاوضات، تواجه لاوس وميانمار تحديات اقتصادية كبيرة بسبب التعريفات المرتفعة، بينما تُظهر حالة تايلاند وكمبوديا تداخل السياسة التجارية مع الدبلوماسية الإقليمية.

أخبار ذات صلة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى